هل يتمكن اليهود من بناء الهيكل الثالث؟؟

حكاية إختيار مكان الهيكل :
لقد طلب الله من إبراهيم أن يُقَدِمَ إسحق كذبيحة على جبلِ موريا في مكان إختارهُ الله بنفسهِ , وكان الله سبحانه  يُريد أن يفهِم إبراهيم والبشرية بانه هو سوف يقدِمَ ابنه المسيح ذبيحة ومن نفس المكان . فبعد إِمتثَالَ إبراهيم لأمر الله وجلبهِ إبنهُ اسحق إلى المكان المطلوب ولما هَمَ ليذبحهُ فوق الصخرة الكبيرة هناك إستبدلَ الله فداء إسحق بالكبشِ الذي كان رمزاََ للمسيح فذبحهُ إبراهيم عوضاََ عن إبنه.

 نفس هذا المكان الذي قدمَ فيهِ إبراهيم الكبش بدل إبنَهُ أصبحَ لاحقاََ بيدراََ لأرنان اليبوسي والذي إشتَراهُ الملك داؤد منهُ لغرض بناء الهيكل وقام الملك سليمان ببناء الهيكل الاول فيه والذي كمل بنائِهِ سنة 957 قبل الميلاد والذي يسمى هيكل سليمان, ومن نفس المكان أي الهيكل إبتدأ خروج المسيح لإتمام الفداء فحملَ صليبه وأكملَ فِداء البشرفي الجُلجثةِ.

والآن ولكي نعرف ما إذا كان بناء الهيكل الثالث ممكناََ من عدمِهِ , نقرأ أولاََ كلام السيد المسيح عن الهيكل الثاني الذي كان يسمى هيكل زر بابل (أي هيكل سليمان الذي رممه زربابل بعد الخراب الاول) والذي كان هيرودس الملك يكمل ترميمهُ ويوسعهُ في زمان المسيح

 

متى(24 - 1) : ثُم خرج يسوع من الهيكل ومضى فتقدم تلاميذهُ ليُروهُ بناءَ الهيكل. ( 2 ) فأجاب وقال لهم إنظروا هذا كُلَهُ. الحقُ أقولُ لكم إنَهُ لا يُتركُ ههنا حجرُُ على حجرِِ إلا يُنقض  

وفي متى ( 23 -37 ) : يا أُورشليم يا أُورشليم يا قاتلةِ الانبياءِ وراجمةِ المُرسلينَ إليها , كم من مرةِِ أردتُ أن أجمعَ بنيكِ كما تجمعُ الدجاجةُ فِراخها تحت جناحيها فلم تُريدوا ( 38 ) هوذا بيتكُم يُتركُ لكم خَراباََ . ( 39 ) فإني أقولُ لكم إنكُم من الان لا ترونني حتى تقولوا مُبارَكُُ الآتي بإسمِ الربِ .

بعد قتلِ المسيح وصلبهِ نكرهُ اليهودُ ولم يصبحوا شعباََ لهُ , ثُم أتى الرومان سنة (70) م. بأمرةِ القائد تيطس ودمروا المدينةَ والقدسَ وخُرِبَ الهيكل وهُدم وتم حرقهُ لكن بقي منهُ جدارُُ هنا وزاوية هناك . ونهبَ الرومانُ الهيكلَ وأخذوا المنارةَ الذهبية ومائدةَ التقدمةِ واللتين ظهرتا في استعراضِ النصر الذي اقامَهُ تيطس بمناسبةِ إنتصارهِ ولا زالت صورتيهما منقوشةََ على حائطِ بوابةِ النصرِ في روما القديمةِ إلى يومنا هذا.



وفي هذهِ المرحلةِ لم يَكْمُلْ كلامُ المسيح بأن لا يبقى حجرُُ على حجرِِِِِ في الهيكل إلا يُنقض فلقد بقي الكثير من الحجارةِ على بعضها البعض فيما تبقى من الجدرانِ وأساساتِ الهيكلِ ولكي يَكمُل كلام المسيح بالكمالِ والتمامِ نسيرُ مع التاريخِ ونرى:



إن امبراطور روما يوليانس فلافيوس كلوديوس والذي كان مسيحياََ ثُم إرتَدَ عن الدين المسيحي أراد أن يُثبِتَ إن كلام المسيح بخصوصِ الهيكلِ خطأُُ ولإثباتِ ذلك أصدرَ أمراََ بإعادةِ بناءِ الهيكلِ وكان ذلك سنة (361) م. فإستدعى اليهود وطلب منهم أن يُعيدوا بناء الهيكلِ من جديدِِ وأعفاهم من الضرائِب وأعطاهم المال اللازم والمواد اللازمة للبناءِ كالاحجار والاخشاب ومواد البناء الاخرى بكميات كبيرة , ولكنهم عندما أرادوا البناء وجدوا إن الحوائطَ بالية بسبَبِ الحرقِ ومرور الزمنِ فعمدوا إلى إزالةِ ما تبقى من حوائطِ الهيكلِ , وهنا وجدوا إن الاساسات قد بليت وأصابها التلفُ فهدموها هي الأُخرى , ولم يبقى حجرُُ على حجرِِ حتى في أساساتِ الهيكلِ كما قال السيد المسيح , ولما إبتدأوا بالبناءِ حدثت عدة هزات ارضية وخرجت نيران هائلة من باطن الارضِ وحصل عواصف وأعاصير فوق ارض الهيكل وظهر صليب كبير ملتهب مُحاطاََ بدائرة مضيئة في كبدِ السماء وكذلك صُلبان حُمر ظهرت على ملابس العمال واجسامهم فخاف اليهودُ وهربوا من الموقع بسبب هذه الضربات الربانية وإضطر الملكُ أن يترك البنيانَ بعد أن أتَم كلام المسيح وقلع بأيدي اليهود آخر حجرِِ في هيكلِ زربابلِ ومات سنة (363) م . وقد أصبح المكان بعد ذلك مكانُُ لرمي الزبالةِ والاوساخِ وكما قالَ السيد المسيح بالضبطِ " ها إن بيتكُم يُتركُ لكُم خراباََ "

ومر الزمان وفتحت وإستولت الدولة الاسلامية على أُورشليم أيام عمر بن الخطاب وكان ذلك سنة (638) م. وكان أن إمتنعَ عمر بن الخطاب من الصلاةِ في كنيسة ِالقيامةِ خوفاََ أن يجعلها أتباعهُ لاحقاََ جامعاََ أو مَعلَماََ إسلامياََ فيُخرِبوها وينقِضوا العهد العُمري الذي قطعَهُ لأهلِ الكتابِ من المسيحيين بنَفسِهِ, فقام بالصلاةِ فوق الصخرةِ والتي كانت الشيْ الوحيد الذي تبقى كعلامة لمكان الهيكل , وهنا أقام معاوية لاحقاََ جامعاََ ليحُجَ اليهِ المسلمون من دولتِهِ بدلَ ذهابهِم الى مكة حيثُ كان أهل البيت هناك يُؤجِجونهم عليهِ حيثُ كان قد إغتَصَبَ الخلافةِ منهم , ثُم قامَ الخليفة عبد الملك بن مروان لاحقاََ ببناءِ جامع قُبَةِ الصخرةِ فوق الصخرة عندما أرادَ أن يبني جامعاََ لم يكن قد بُني مثلهُ من قبلُ , فبعثَ وطلبَ من ملكِ القسطنطينيةِ أن يبعثَ لهُ بالعمالِ والصُناعِِ والمهندسين لغرضِ بناء الجامعِ , وهَدَدَهُ في حالةِ رفضِهِ أن يقوم بتخريبِ وإزالةِ كل الكنائس والمعالم المسيحيةِ في أُورشليم في حالة رفضِهِ, فلبت القسطنطينية أمر الخليفة وأقام الخليفة إثنين من طرفِهِ لغَرضِ ألإشرافِ على سير العمل وأنفقَ خراج مصر لعِدةِ سنين لغرضِ البناءِ . وقد أُكملَ بناء جامِعُ قبةِ الصخرةِ في سنة (691) م. وأحاطَ بالصخرة التي كانت في جِناحِ هيكلِ زربابل , أَي نفس المكان الذي سبق وعينه اللهُ لإبراهيمَ وداؤدَ .

هذا وقد إستمرَ الحكم الاسلامي على القدس الشرقية لغاية الشهر السادس لسنة (1967) م. حيثُ عادَ اليهودُ الى المدينة وحكموها وإنتهت بذلك أزمنةُ الأُمَمِ التي تكلم عنها السيد المسيح بالكمال والتمام.

واليوم يعيد التاريخ نفسهُ , فقد عاد اليهود إلى ارض فلسطين ليؤسسوا دولة اسموها إسرائيل, وراحوا يحاولون بناء ما يسمى الهيكل الثالث من جديد , والذي يظنون إنَّهُ ضروري لكي يأتي المسيح الذي لا زالوا ينتظروهُ, وقد نحتوا حجارة الهيكل وجهزوها في امريكا ورقموها بحسب مخططات البناء ولم يبقى سوى عامل الوقت المناسب لشحنها في السفن إلى فلسطين لغرض إكمال البناء, فهل يستطيعون فعل ذلك؟

إن كان الله لم بسمح  لليهود ببناء الهيكل سنة (131) م فهل يسمح الله لهم بذلك الآن؟

 طبعاََ لا لأن الله لا يتغير فهوليس بشراََ ليُبدل رأيهُ , فقد ارسل الله ابنه لفداء البشرية والذي كانت الذبائح الحيوانية ترمز لذبيحتهِ الابدية لمغفرة الخطايا فقط , فهل يعود الله ليقبل الذبائح الرمزية بعدما أن أكمل الابن الفداء واتمهُ على الصليب! طبعاََ لا.

 فالله الابن قد اتى ليُصلب فداءََ عن البشر الذين يؤمنون ويبني هيكلاََ روحياََ للآب وليكون هو  رأس الزاوية فيهِ وهذا هو الهيكل الثالث والاخير الذي يُبنى وقد بناه الله وأسَـسَهُ , والمؤمنون ليسوا إلا كهنة وحجارة حية واعمدة هذا الهيكل الروحاني وهم شعب الله المختار وساكني الامجاد وأُورشليم السماوية الابدية فكيف يقبل الله أَنْ يعود إلى الحجارة العادية بدل الحية وكيف يقبل أن يتم تقديس الهيكل بدم بقرة حمراء صهباء او دم تيوس وعجول بعد أن قدس هيكلهُ السماوي بدمهِ المقدس؟

فنرى هذا جلياََ في كتاب الله كما في:

في كورنتس الاولى ( 3 - 16 ) : أما تعلمونَ أنكُم هيكَلُ اللهِ وأن روحَ اللهِ مُستَقِرُُ فيكُم ( 17 ) من يُفسِد هيكلَ اللهِ يُفسِدهُ اللهُ لأنَ هيكلَ اللهِ مُقَدَسُُ وهو أنتم .

وفي : بطرس الاولى ( 2 - 5 ) : وكونوا أنتُم أيضاََ مبنيين كالحجارةِ الحيةِ بيتاََ روحياََ وكهنوتاََ مُقَدساََ لإصعادِ ذَبائحَ روحية مقبولةََ لدى الله بيسوع المسيحِ. ....... ( 9 ) وأما أنتُم فجيلُُ مُختارُُ وكهنوت ملوكي وأُمة مُقَدسةُُ وشَعبُُ مُقتَنَى لِتُخبِروا بفضائلَ الذي دعاكُم من الظلمةِ الى نُورهِ العجيبِ .

وكما ترون  لن يكن من حاجةِِ لبناءِ هيكلِِ من حجارة ثانيةََ , حيثُ يكتملُ بناءُ هيكل الله الحي والذي يُبنى من حجارةِِ حية وأعمِدةِِ حية هي المؤمنين الذين آمنوا بفداءِ المسيح وشملَهُم سلامه . ويهتُفَ الجميع مُباركُُ الآتي بإسم الربِ .

وكما في : أشعيا ( 35 - 10 ) : والذين فداهم الرب يرجعون ويأتون الى صهيون بترنيم ويكون على روؤسهم فرح أبدي ويتبعهم السرور والفرح وتنهزم عنهم الحسرة والتأوه.

نعم إن الذين فداهم الرب هم شعب الله المختار الحقيقي الذين يأتون الى صهيون . أي الى أورشَليم السَماوية . ولن يدخلها إلا المخلَصُون الذين فداهم الرب. بلا حرب ولا قنابل ولا طائرات بل بألسلام , ومنَ ابوابها الاثنا عشر.

والمصيبة الكبرى هي إنَّ بعض المسيحيين في الولايات المتحدة الامريكية وبعض دول العالم تساعد اليهود لغرضِِ آخر غير ما في بال اليهود فاليهود يريدون بناء الهيكل الثالث ليأتي إليهِ المسيح لاول مرة والذي معه سيحكمون العالم فهم لا يعترفون بالمسيح الذي جاء . أما هولاء المسيحيين فهم يظنون إنَّ المسيح سيأتي للمرة الثانية إلى الهيكل حال إتمامهِ , ونسوا كلام المسيح في:

متى (24 – 26): فإِن قالوا لكم أحد ها إِنَّهُ في البرية (المسيح) فلا تخرجوا أو ها إنَّهُ في المخادع فلا تصدقوا (27) مثلما أَنَّ البرقَ يخرجُ من المشارق ويظهَرُ إلى المغاربِ كذلك يكون مجيء إبن البشرِ ..... (29) وعلى أثَرِ ضيقِ تلك الايام تطلمُ الشمس والقمر لا يُعطي ضَوءَهُ والكواكب تتساقط من السماءِ وقواتُ السماءِ تتَزَعزَعُ (30) حينئذِِ تظهرُ علامةُ إبنُ البشرِ في السماءِ وتنوحُ حينئذِِ جميعُ قبائلِ الارضِ  ويرونَ إبنَ البشرِ آتياََ على سحابِ السماءِ بقوةِِ وجلالِِ عظيمين (31) ويرسلُ ملائكتهِ ببوقِِ وصوتِِ عظيمِِ فيجمعونَ مُختاريهِ من الرياح الاربعِ من أقاصي السماواتِ إلى أقاصيهـا ..  .

فكلام المسيح واضح فالشيء الوحيد الذي يخرج من المشارق ويذهب إلى المغاربِ كل يوم ليس البرق بل هو الشمس وهي تُرى في السماء وكأّنها تلف الارض مشرقةََ في المشرق وغاربةََ في المغربِ , ويقول النص أعلاه هكذا يكون مجيء إبن البشر , أي إِنَّ المسيح سيأتي في كبد السماء دائراََ حول الارض من المشرق إلى المغرب كالشمس بالضبط حتى يراهُ العالم أجمع آتيـاََ على سحاب السماء وتكون علامة صلبهُ أي الصليب معهُ في كبد السماء وينوحُ جميع من لم يؤمن بصلبهِ وفدائِـهِ ساعة لا يفيد الندم وهم يرون الملائكة تجمع مختاري الله المؤمنون بالفداء من جميع الاماكن والازمان من وقتِ آدم وإلى نهاية العالم .

فكما ترون المسيح في مقدمِهِ الثاني لا ينزل على الارض أبداََ , لذا قال لا تصدقوا أحد إن قال لكم إنَّ المسيح في البرية أو المخادع , فهذا لا يكون هو المسيح الذي نعرفهُ بل المسيح الكذاب والذي يكون مجيئهُ قبل مجيء المسيح الثاني بثلاث سنوات ونصف, وحال إنتهاء مدتَهُ يأتي المسيح الديان ويبقى في كبد السماء ليراهُ الجميع ويدين العالم أجمع.

بقلم / نوري كريم داؤد

12 / 08 / 2006 



"إرجع إلى ألـبــدايــة "